حتى أعود
وبرغم الجرح النازف .. والقلب المخدّل .. واللا راحة في النوم والفرحة والعمر -الذي لا تبدو نهايته- وهزيمتي المنتصرة وهزائمكم المخزية .. وبرغم كل شيء يستمر سواءً ارتضيت أو ارتضيتم أو لا ..سوف أعود .
سوف أعود لتعرفوا أن كل ما يئستم عليه لم يكن كافياً ليوقفني .. لتعرفوا أن عمركم الباقي ستحيونه وأنا معكم / وأنتم معي .
لتعرفوا أنني لن أفعل مثل أجدادكم الثوريين (1) لم يستطيعوا التحمل وسط عالمكم القميء فآثروا السكون ثم الموت بعدما تأكدوا أنهم لن يستطيعوا أن يروا أول طريق سيعيدهم ويعيدنا إلى جنتنا المفقودة منذ أمد.
سأعود لكم بورودي الحمراء لأضعها فوق جباهكم .. و ورود أخرى لأقطفها ورقة ورقة لأنشرها على طريقنا الممتد حتى آخر ما نرى في هذا العالم .
لأَطبع قبلة -تنتظرونها- فوق كلكم فتحيون سعداء آمنين مطمئنين .
قطعت لكم -وأنا قادم- قوالب من الشيكولاتة لتأكلوها أمامي -كما أكلتم سابقا- . حفظتها لكم من حرارة الشمس وخبّأتها عن عيون أطفالهم –وعذراً لهم- لأنني حتماً سأعود!.
سأعود ومعي ألحان لن تسمعوها أبداً من غيري .. ألحان سيحاول العازفون محاكاتها ولكنهم لن يستطيعوا .. ألحاني التي اختلفت وتفردت عن ألحانهم . ومعي غنوة -تُغني عن كل أغنياتهم- لنرددها سوياً بعدما تتشابك الأيدي وتلتمع العيون.. ونعيدها ونرددها ونحيا بها حتى لا نمل !.
سأعود لتروا لؤلؤتي البيضاء .. ووجهي الذي تستريحون عليه .. وقلبي المتسع لكم .. ويدي الحانية .. وعشقي لكم .. وأطفالي منكم .. وحكاياتي التي طالما استمعتم لها .. وأعيني التي ترون بها .
سأعود لأنكم أعطتيموني وعوداً لا طااائل لها !!! .. ولأنه مازال الكثير لأعطيه لكم ! . سأعود لأنه لا حياة بدونكم فبكم أستمد الفرحة الوحيدة الباقية وسط هذا العالم المحبِط.. وسط هذا العالم الذي يقتل فرسانه.
سأعود لأنكم لن تستطيعوا أن تتركوني وحيداً هكذا !! .. لأن الطفل الذي بي ستفطرون قلبه إذا فعلتم .. سأعود لأنكم لستم قساةً برغم ما تظهرون لي.
سأعود فاستقبلوني بأعواد الياسمين وبتلات حبكم وعطوركم الزكية وطهارتكم المعهودة وانطلاقاتكم الطفولية وأحلامكم التي شاركت بها ولم أضن يوما بكلي فيها.
سأعود .. لأنني أثّرت فيكم .. لأنني لم أترك ركنا إلا ووضعت فيه لمستي ووضعتم فيّ لمساتكم ..
سأعود فاستقبلوني استقبال الفاتحين .. وافرحوا بفتوحاتي العظيمة رغم هذه الدماء السائلة .. فطبّبوني... طبّبوني لأنني تعبت .. طبّبوني لأنه لن أجد من يفعل هذا . لأنه حتى لو وجدت لن أستريح على يديه لأن أياديكم أزكى وأطهر وأشفى ! .
سأعود .. فقبّلوني .. ثم دثّروني بأرديتكم فالبرد يأكل الجسد.. وأوراق الحياة لا تكفي لتبعث الدفء .. والشتاء طويل .. والليل حالك وأنا لا أرى ..
أنا لا أرى غير وجوهكم .. هذه المأساة التي سأعود-لكم- فراراً منها !.
سأعود لأن الكلمات لا تجدي .. لأن الكلمات لا تصوّر ولا تتكلم ولا تَشعر ولا تبكي .. لأن الكلمات لا تنقل إلا اليسير من الألم .. لأن الكلمات لا تمتلئ ألواناً وفرحة وحياة .. لأن الكلمات جامدة .. لأن الكلمات غصن صفصاف هزيل -كما قال نجيب -(2)
سأعود لأن الكل يكتب .. ولأن الكل يكتب ما لا يفعل .. لأن الكل يكتب ما لا يشعر .. لأنهم يدّعون.. لأنهم يتبعهم الغاوون .. سأعود لأنني غيرهم .. لأنني في زمرة المؤمنين.. لأنني أكتب ما أفعل .. لأنني أكتب ما أشعر.. لأنني عاجز عن كتابة ما أشعر .. لأن الكلمات لا نرى فيها الألم .. لأنها لا تُساقط دماً !
سأعود..
فانتظروني .. لا تعاقبوني على تعثري .. لا يصيبكم الملل .. لا يطرق أبوابكم اليأس في عودتي .. لا يمسكم أحدهم . حافظوا –لي- عليكم .. لأنني عائد حتماً ..
فاملؤوا أحلامكم بي .. وقبّلوني في منامكم .. واعبثوا بذكرياتي - التي حولكم أين ذهبتم - حتى أعود !.
======
(1) أجدادكم الثوريين : لأنه لا يوجد الآن آباء ثوّار .. لأن آباءنا لم يعلمونا الثورة.. بل –للمأساة- يقومون بنزعها منّا ! .. لذلك نبحث في قصص الأجداد والسابقين والحكايات القديمة والأساطير الشجاعة .. والفرسان الذين كانوا !.
(2) الشاعر نجيب سرور ذكر تعبير "غصن صفصاف هزيل" في قصيدة لزوم ما يلزم
أنت لا تملك غير الكلمات ،
حيلة العاجز عن كل الحيل
( كلمات .. كلمات .. كلمات )
غُصْنُ صفصاف هزيل ..
أي عُكّاز وفى الدرب ملايين الحفر !
هناك ٤ تعليقات:
بالرغم من انى مفهمتش بعض الجمل
الا انى شفت فى كلامك امل
ربنا يوفقك وتحقق احلامك ويرزقك بالصحبة والزيجة التى تطببك
انت انسان غريب ومن الواضح انك مدي نفسك اكتر من حجمها محسسني انك راجع علشان تفتح عكا وان لي حواليك لازم يستقبلوك استقبال الفاتحين
نصيحه حاول انك تراجع نفسك ف ا مور كتير بدال مانت عايش دور الفدائي وثانيا ياريت تبعد عن لغة العواطف من الواضح انك موش بتجيدها وطالعه منك ركيكه ومالهش اي معني
تحياتي
مفهمتش منك حاجه غير انك واحد عايش الدور وباني لنفسك اوهاك ف خيالك
متى إذن تكون عودتك!!؟
إرسال تعليق