٢٠٠٦/١٢/٠٣

أن تُجرح



من فترة وأنا صعب أنجرح جدا من أي شخص .. فيه حاجات كتير مرت عليا علمتني أتماسك
إزاي.. يبقى فيه شيء مؤلم وجارح جدا ومع ذلك ما اهتزش.. مش زي ما تفكروا إن قلبي مات مثلا أو بقى صلب وجامد . بس من باب ما أميمة الخليل بتقول شدي عليك الجرح وانتصبي!!

بالظبط بقيت بشد الجرح على النفس وأكمل ... حتى ما بقتش بدي لنفسي فرصة أقع وبعد كده أقوم تاني زي المَسَار المعتاد الطبيعي ! .


أحيانا صديق أو أي شخص يتكلم معايا في موضوع .. يلاقي وشي جامد ما بظهِرش أي ردود أفعال من كلامه أو أي تفاعل .. مستمع فقط راسي ما بتتحركش .. وشي كل تقاسيمه ساكنة ما بيتحركش برضه .. بلاقيه هايتجنن وعايز يستشف رد فعلي وتأثير كلامه .. حتى لما باجي أرد .. ممكن أديله جواب شافي جدا .. ومع ذلك ما بريحوش .. لأنه عايز رد فعل ومشاركة قبل ما يسمع جواب ! .

مؤخرا الضغوطات عليا كانت كبيرة من كل جانب .. سواء ضغوطات نفسية ولا في زيادة مسؤوليات
ضغوطات نفسية سواء في المذاكرة وقرب موعد الامتحانات .. ضغوطات أسرية .. ضغوطات تتمثل في أماني وأحلام عايز أحققها ... ضغوطات من أجل ما أضيعش أحلام حد بسببي .. ضغوطات حتى في مجاملات للناس أقلها بسمة بحاول أبتسمها لشخص من الواجب أبتسمهاله من باب الزوق والإحترام والإنسانية .. بس ما ببقاش عايز أبتسمها .. فبتطلع باهتة .. الحمد لله إن مافيش مقياس لدرجة قوة وحرارة البسمة من عدمها مع الناس .. كانت ناس هاتزعل مني كتير .

مسؤوليات زادت كتير .. آخرها بقيت مسؤول عن جمعية كبيرة فيها ناس كتير وأفكار كتيرة وأحلام كتيرة وواجبات أكتر .

مسؤوليات تانية على جوانب مختلفة .. بحاول أكون قدها .. معظمها حاببها مش مفروضة عليا .. بس كل ده برضه ضغوطات ......

بقيت كتير بحس أني مخنوق ومتحاوط .. ومع ذلك بشد عليا الجرح وبنتصب ..
كتير بقيت بحس نفسي إنسان آلي موكلة ليه مهام لازم ينفذها .. الإنسان الآلي محدد له مسار معين .. ما ينفعش يلتفت .. ما ينفعش يفرح .. بس للأمانة العلمية -غير الصادقة- إنه ينفع يبقى حزين ومنعزل
بقيت إنسان صامت معظم الوقت .. ما بحبش أطلع كلام .. آجي أتكلم أقول إيه فايدة الكلام أقوم مرجع الكلام تاني .. حتى ما بقتش بكتب زي زمان إلا نادرا ! .

كتير بقوا بيفكروني إنسان جامد .. أقرب مثال .. مجموعة ناس كانوا معايا في الكورس شباب وبنات .. كنت يُعتبر الوحيد اللي ما بتكلمش معاهم .. قبل ما يبدأ الكورس كان الكل يتكلم .. وأنا باصص في أي مكان سرحان .. ردودي عليهم مقتضبة .. كانوا صراحة بيسترخموني جدا .. من فترة قليلة وبعد طول عشرة عرفروني أكتر وعرفوا مداخل ليا يكلموني بيها .. وبقوا بيحبوني جدا .. لدرجة إن كنت هاغير الكورس لمعاد تاني .. كلهم كانوا زعلانين على إني هاسيبهم .
والله في الحالتين ماكنتش زعلان منهم .. سواء لما كانوا مش مستلطفني أو لما حبوني .. لأني حاسس إني بقيت غامض فعلا .. وما بقاش أي شيء بيأثر فيا بصورة تعلن أي رد فعل أو أي انهيار
إلا شيء واحد !


من يومين بالظبط انجرحت.. كان بقالي مدة ما حستش الإحساس ده .. كان برغم كل الضغوطات والقرف اللي حوالين الواحد في كل حاجة بس كنت متماسك .. ومن يومين انهرت !

عارفين زي إيه؟ .. لما واحد يتهري ضرب من جميع الاتجاهات وبكل قوة والناس تستنى يقع .. وهو مبتسم وواقف صامد.. وييجي شخص يقوم واكزه بصابعه يقوم موقعه !

لما تكون بالصفات دي وبالصبر ده ويعرف حد يجرحك بيبقى الجرح كبير جدا .. أكيد فيه ناس جرحتني قبل كده .. بس ماكنش بيأثر فيا لسببين .. لأنهم ما بيهمونيش .. وكمان لأن مش فاضي أتألم من جرح حتى لو جرح شديد ونرجع تاني وأقول .. شد الجرح وانتصب وكمل .. وطز !

المرادي لا عارف أشد الجرح ولا عارف أنتصب ... الجرح بعد طول صبر وتظاهر بالتماسك بيبقى إنهياره أشد إنهيار .. بيبقى مضاعف عشرات المرات
كلمة بسيطة في وقت ضيق أو كلمة لا يُلقى ليها بال .. ممكن تجرح أكثر من جراح جسدية متقدمة

ما تجرحوش الورد بلاش .. ده الشوك رخيص وساعات ببلاش !
:(
ده الورد شابك في عبيره .. ومسيري أبوح له ومسيره
ده إن غاب ساعات يوم بكتيره .. ما تجرحوش الورد !



أنا عايز أنام .. تعبان جدا .. بس في نفس الوقت ماليش نفس أنام لأن عارف إني هاصحى ومفروض عليا فرض إني أكمل مسيرتي بالظبط بدون تغيير زي ما يكون ما اتجرحتش خالص .. لازم أصحى الصبح أكون حامد المتماسك تاني قدام الناس .. اللي البعض بيحب ده فيا والبعض لا
لازم تاني أواجه الضغوطات والمسؤوليات ..
وده كله يتعمل وأنا مجروح
زي الجندي بالظبط اللي مجروح ميت جرح .. ومش قادر يشيل سلاحه ولا نفسه .. ومع ذلك بيتعكز على أي جزء سليم فيه وبيمثل- علشان يقنع نفسه على الأقل- إنه ما زال شجاع .. إنه ما اتهزمش .. إنه هايهزم .. إنه هايرجع لحبيبته بأوسمة النصر .. إنه هايضحك في وش بنته الصغيرة .. إن ما موِتهوش الأوغاد !
ولكن هيهات !!

بتوجعيني..لحد المغنى والأشعار
وجع تقوب النايات والعَفق ع الأوتار
وبتوجعيني لحد الحَكي والحواديت
وبتوجعيني بحنان
وبتوجعيني بفُجر
وزي صفعة حقيقة
وزي لطشة سكر !!

(بهاء جاهين)

هناك تعليقان (٢):

Amr يقول...

باقة زهور يا حامد

Hamed Ibrahim يقول...

شكرا يا زقزوق ..هي باقة لا أستطيع أن أرد جميلها .. لأنها لا تقدر بثمن !