لا شك أن العرض الذي قدمه طلاب إخوان جامعة الأزهر خاطئ بغض النظر كونه عرضا حقيقيا لإثبات قوة ما .. أو مجرد عرض تمثيلي . وفي الحالتين كان هذا من أجل اعتقال ثمانية من أصدقائهم الطلاب .
فلكي تقوم بأي عمل ما يجب أن تحسب جيدا هذا العمل .. وتدرس ردود الأفعال .. وتدرس الأضرار والفوائد بشكل عام .
هذا بالنسبة للفرد العادي .. ما بالك لو مثلت جماعة كالإخوان المسلمين .. سيزداد حرصك أكثر على سمعة هذه الجماعة وانطباعات الناس عنها .. خصوصا أن الإنطباعات ليست جيدة عند كثير من أفراد الشعب وليس من المفترض أن تهتز أكثر ! .
هذا بالفعل ما فعله هؤلاء الطلاب بحركات غير مدروسة غير واعية يملؤهم الحماس والغضب فقط دون تفكير لأبعاد ما قد يحدث ! . وبرغم ميلي كثيرا للإخوان إلا أنني انتقدت فعلة هؤلاء الطلاب من اللحظة الأولى لمشاهدتي هذا .
ربما تأثروا بهيئة المجاهدين في فلسطين .. وربما شاهدوا مثل هذه العروض منهم .. إلا أن الواقع الفعلي أننا في مصر . فلا الأمن سيترك هذا دون انقضاض .. ولا بعض المهاجمين للإخوان سيترك هذا دون هجوم .. ولا بعض الجهّال من عامة الشعب سيعطي الفرصة ليجد أي عذر وسيبدأ في مقولات :( آدي الإخوان - دول إرهابيين - الدولة عندها حق بقى ).. هذا بخلاف أنه لا داع أصلا لهذا من بدايته !.
عموما طلاب جامعة الأزهر اعتذروا .. أؤكد أنهم اعتذروا لفهمهم تسرعهم وعدم إداركهم للأمور.. لا لأن اعتقل منهم المزيد ! . ولكن استوقفني عدد من المفارقات المدهشة في حين والمحزنة في حين آخر والمثيرة للسخرية فيهم كلهم .. فمؤخرا تيقنت تماما أن كل شيء في مصر الآن قابل للسخرية والضحك بأنواعه والتعجب ! :
أولا : اعتدنا من الأمن المصري أن يسوق العديد من التبريرات الظالمة غير الحقيقة الساذجة ..مرورا بحبس سعد الدين إبراهيم ثم مجنون بني مزار ثم اعتقال عصام العريان ثم اعتقاله 180 من طلاب الإخوان مؤخرا . وغيرها من الأحداث المستمرة طوال هذه السنوات الماضية .
اعتقال الطلاب والبعض الآخر من أعضاء هيئة التدريس وخيرت الشاطر وغيرهم ساقه الأمن على أنه إجراء لما قام به طلاب الأزهر من عروض . وهنا يأتي السؤال .. ماذا حدث قبلها كي يتم اعتقال عصام العريان والزج به دون محاكمة لشهور في المعتقل؟! هل حدث من طلاب الإخوان أيضا فعلة مثل هذه؟! . بالطبع لا !
الملاحظ أن الأمن المصري يعتقل العديد من الإخوان بمختلف درجاتهم العمرية بسبب أو بدون سبب .. والحجة دائما موجودة " الانتماء لجماعة محظورة" .. كلمة مطاطية يعتقل بها أي شخص دون محاكمة . والعاقل والمنصف فقط يلاحظ أن بسبب هذه الجملة تم اعتقال العديد من الإخوان بصورة ظالمة . فوجود عرض لطلاب الإخوان أو عدم وجوده النتائج واحدة .. هو اعتقال مستمر للإخوان . فلم يحدث عرض للطلاب قبل اعتقال الثمانية طلاب .. وجاء اعتقال الثمانية من أجل الانتخابات الحرة الطلابية التي أشاد بها المثقفون والمعارضون بل أشاد بنظامها وفكرتها عامة الشعب ! .
ثانيا : بلطجية الحكومة والحزب الوطني يرتعون في كل مكان .. ابتداء من الانتخابات البرلمانية الأخيرة وماشهدناه من مهازل بمعنى الكلمة .. وأيضا في المظاهرات المعارضة للنظام بشهادة كل وكالات الأنباء .. أو في الانتخابات الحرة الطلابية في عين شمس وبعض المناطق الأخرى .
وأنا لا أتساءل هنا أيهما أخطر -العرض الإخواني أم البلطجية- فسيبدو وقتها أنه سؤال ساذج .. ولكن حتى يتضح للجميع أن الظلم بعينه يقع على الإخوان وغيرهم من قوى المعارضة .. في حين يترك الحبل لفرق الأمن المركزي وفرق الكاراتيه والبلطجية وللمتحرشين على الغارب ليعيثوا في الأرض الفساد على مرأى ومسمع من الجميع !
ثالثا : أشد من أثار ضيقي ودهشتي هو موقف قوى المعارضة مما حدث مؤخرا لطلاب الإخوان من أمر مصادرة حريتهم .. وضياع سنة دراسية عليهم .. إلى آخره من أمور لو حدثت بصورة أقل مع أي معارض آخر لوجدنا الصراخ في كل مكان .
فمعظم المدونات تتكلم عن الحريات وخلافه .. وتقوم بحملة كبيرة إذا اعتقل أحدهم .. وتأتي عند الإخوان وتصدر الفتات بغض النظر عن اتفاقهم مع ما حدث أو لا أو اتفقاهم مع الإخوان -من الأساس- أو لا !! هذا إذا أصدروا الفتات من الأصل .. بل هذا إن لم يشاركوا الحكومة في حملتها الهجومية !
يبدو أن معظم المدونات أصبح تركز على فئات معينة على عكس ما تدعيه من تأييد للحريات مهما كان اتجاهها ! . فالإتفاق على مناهضة مبارك ونظامه يكون بالوقوف الحقيقي ضد أي أفعال انتهاكية يقومون بها مهما اختلفت وجهات النظر بين بعض فئات المعارضة .
منذ قليل حدثتني صديقة أنه يعرض بالتليفزيون المصري حوار حول ما حدث من طلاب الإخوان .. وبالطبع أخرج المتحاورون سيوفهم لسيلطوها على هؤلاء الطلبة فاقدي الخبرة ! . ذكرتني أيضا الصديقة ببرنامج حالة حوار بمذيعه اللزج وما كان يحدث فيه من هجوم على الإخوان أثناء الانتخابات البرلمانية . محاولات مستمرة لتشويه صورة الإخوان لدى الشعب المصري المغيبة عنه الحقائق كلها .. وحتى لو أنهم يقولون بعض الحقائق -وهذا نادر جدا- فهم يخفون الحقيقة الكبرى من فساد الحكومة والنظام .. شجعان فقط ليتكلموا على الإخوان ونساء في قولهم الحق ضد النظام الفاسد .. يُفتح لهم الباب للحديث فلا يتكلمون إلا عن ما أرداته الدولة !
إنه الكيل بمكيالين من بعض فئات المدونين وبعض المفكرين والكتاب نجده باستمرار منذ سنوات لا لشيء إلا أن الآخر من الإخوان !!!!